العمارة البيئية هو نمط تصميمي يهدف إلى إنشاء تتناغم مع البيئة المحيطة مستلهمة من الطبيعة، من خلال استخدام مواد صديقة للبيئة وتصاميم تقلل استهلاك الطاقة وتراعي دخول الموارد الطبيعية المبنى مثل ضوء الشمس والهواء، لتقليل الاعتماد على أنظمة التكييف والإضاءة الصناعية.
ويُعد مفهوم العمارة البيئية امتداد لفكر معماري كان سائدًا في المجتمعات القديمة، فكانت البيوت تبنى بحسب اتجاه الرياح والشمس ومصادر المياه، وفي فيديو اليوم سوف يحدثنا المهندس هشام هلال -إستشاري الهندسة المعمارية والمؤسس التنفيذي لشركة كرايتريا ديزاين جروب- عن العمارة البيئية في مصر قديمًا وحديثًا.
يرى المهندس هشام هلال أن العمارة في العصور القديمة -وخاصة العصر الفرعوني والإسلامي- كانت انعكاسًا حقيقيًا لاحترام الإنسان للبيئة والمجتمع من حوله.
وكان الموقع الجغرافي والمجتمع المحيط جزءًا أساسيًا من فلسفة التصميم، فلا يُقام مبنى دون مراعاة هذين العاملين، ولهذا يرى أن العمارة في تلك العصور لم تكن علمًا يدرس، بل كانت أسلوب حياة.
مع دخول الدولة العثمانية إلى مصر، بدأت -حسب تعبير المهندس هشام- مرحلة من الركود الثقافي والمعماري، إذ تأثرت العمارة بأساليب طمست ملامح الابتكار والخصوصية.
فكانت المشروعات المعمارية تكرارًا لنماذج نمطية مستوردة لا تراعي البيئة المحلية والثقافة المصرية، وهنا بدأ الابتعاد التدريجي عن الطابع البيئي والثقافي الأصيل الذي ميّز العمارة في السابق.
ثم جاءت فترة حكم محمد علي باشا لتُعيد للأمة المصرية روح النهضة في شتى المجالات ومنها العمارة، إذ شهدت هذه المرحلة تطورًا ملحوظًا في تصميم المباني العامة، مثل القصور والمستشفيات والمدارس، مع الاستعانة بخبرات أجنبية، ولكن في إطار يخدم بناء الدولة الحديثة، وكان هناك سعي واضح لدمج العمارة الأوروبية الحديثة مع الروح المصرية الأصيلة.
في العصر الحديث، طغت النماذج الغربية على التصميم في المدن المصرية وخاصة القاهرة، ففُقدت الهوية المحلية في كثير من الأبنية.
يشير المهندس هشام أن التصميمات حاليًا تعتمد على قوالب جاهزة لا تراعي المناخ المصري أو ثقافة السكان، ما أدى إلى نشوء بيئة عمرانية باردة ومنعزلة عن جذورها التاريخية.
ويؤكد المهندس هشام هلال في ختام حديثه أن العمارة ليست فقط علم بناء، بل هي لغة تعبّر عن هوية الشعوب، ويجب اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نستعيد العمارة التى تحترم الإنسان وتخدم البيئة وتعكس ثقافتنا، وأن نستلهم من تراثنا العريق ما يساعدنا على بناء مستقبل أكثر وعيًا واستدامة، يعكس روح مصر وعمقها الحضاري.
تواجه مصر عدة عوائق تمنع تبني هذا النمط المعماري على نطاق واسع، ومن أبرز هذه التحديات:
لتحقيق العمارة البيئية في مجتمعنا المصري، ينبغي نشر الثقافة البيئية من خلال:
ختامًا، تُعد مصر من أقدم الحضارات التي مارست العمارة البيئية بالفطرة، فكانت التصاميم المعمارية في العصور الفرعونية والإسلامية تقوم على مبادئ الاستدامة دون أن تُسمى بذلك، وفي ظل التحديات البيئية المتسارعة اليوم، عادت الحاجة لإحياء تلك المبادئ ولكن بأساليب وتقنيات حديثة، تجمع بين التراث والابتكار.
ونحتاج أيضًا الدمج بين العمارة البيئية والعمارة الخضراء، وهي مجموعة تقنيات حديثة تهدف إلى تقليل استهلاك الطاقة والمياه، وتوفير بيئة صحية داخل المباني، من خلال استخدام أنظمة العزل الحراري والطاقة الشمسية وإعادة تدوير المياه والنفايات.
شاهد حلقات البودكاست
أيضًا: